الإسلام في قوصرة

الإسلام في
قوصرة

[ قوصرة .. جزيرة
جبلية صغيرة الحجم .. تقع في مياه البحر الأبيض المتوسط.. تبلغ مساحتها 83 كيلو
مترا مربعا .. بينما يبلغ عدد سكانها اكثر من عشرة آلاف نسمة .. وهى تبعد عن ساحل
تونس بنحو 76 كيلو مترا .. وتبعد عن صقلية بنحو كيلو متر .. وترى هذه الجزيرة من
بعض مدن الساحل الشمالى للقارة الأفريقية .. وبالرغم من اكتناز مساحتها وقلة عدد
سكانها .. الآ أنها تتمتع بموقع إستراتيجى هام نعت أنظار الدول الكبرى إليها منذ
أقدم الفترات التاريخية .

[ وقد اهتمت
الدولة الإسلامية بجزيرة قوصرة ففتحها المسلمون منذ عام 81 هجرية ( 700 ميلادية )
.. وجعلوا منها قاعدة ومعبرا مهدّ لهم الطريق لفتح جزيرة صقلية في عام 212 هجرية (
827 ميلادية ) .. وقد هاجر إلى " قوصرة" عدد من مسلمي تونس واستقروا بها
.. وتكونت هناك جالية مسلمة عملت على نشر الإسلام واللغة العربية ..وقد أثرت
الجالية المسلمة تأثيرا بالغافي سكان الجزيرة .. فأنتشرت في " قوصرة"
العادات والملابس العربية .. وبعد سنوات قليلة تعّرب سكان "قوصرة" واصبح
غالبية سكانها من المسلمين .

[ ومع استقرار
الحكم الإسلامي أنتشرت في قوصرة المساجد والمدارس والمكتبات الإسلامية .. وشيدّ
المسلمون هناك حضارة زاهرة مازالت معالمها باقية حتى اليوم .. كما أنتشرت دور
القضاء الشرعى .. وأصبح القاضى المسلم من أبرز الشخصيات المحترمة .. ويحرص
المسلمون على انتخاب القاضى من بين علماء الإسلام في قوصرة .

[ وقد عثر في
" قوصرة" على مخطوطات إسلامية نادرة .. تضمنت أبحاثا مهمة في علوم
البحار وعلوم الإتصال .. حيث اقيمت بقوصرة أول مراكز الإعلام الإسلامي في العالم
كله .. فكانت " قوصرة" أكبر محطة إتصالات لنقل الأخبار الخاصة بجزر
البحر الأبيض المتوسط وتحركات أساطيل أعداء الإسلام .. إلى الدولة الإسلامية فتخرج
القوات الإسلامية البحرية لملاقاة أو مباغتة سفن الأعداء والحاق الهزائم بهم
وحماية شواطئ الدولة الإسلامية .

[ وقد أكدت
المخطوطات التى عثر عليها في " قوصرة" أن الجزيرة كانت تتمتع بنوع من
الاستقلال الذاتى عبر تاريخها الطويل .. كما عثر في بعض المخطوطات الإسلامية على
قصيدة شعر تنسب إلى على بن ابى طالب –
كرم الله وجهه – جاء في مطلعها :

[ أفلح من كانت
له قوصرة .. يأكل كلَّ يوم منها مرّة ]

[ وأشارت المصادر
: أن كلمة " قوصرة" تعنى في اللغة العربية " وعاء التمر" وأن
معنى قوصرة هو " السلّة" وذلك بسبب تشابه شكل الجزيرة وشكل السلة ..
وقالت المصادر أن سبب إهتمام المسلمين بجزيرة " قوصرة" .. أنه بعد طرد
الروم البيزنطين من أفريقيا وتحرير الأفارقة من حكمهم .. إتجه الروم إلى
"قوصرة" وغيرها من جزر البحر الأبيض المتوسط .. لتهديد من الدولة الإسلامية..
لذا حرص المسلمون على الإستيلاء عليها .

[ ونتيجة
لاستقرار الوجود الإسلامي في قوصرة .. واستمرار الحكم الإسلامي للجزيرة لمدة أربعة
قرون .. نقل المسلمون إليها زراعة القطن والعديد من الزراعات مثل زراعة التين
والزيتون .. وزودوها بثروة حيوانية .. كما انتشرت صناعة الأخشاب وذلك لتزويد دار
صناعة السفن في تونس بالأخشاب اللازمة .. وبعد أن كانت جزيرة " قوصرة"
،،، للمغضوب عليهم في عهد الرومان .. أصبحت جزيرة عامرة بفنون الصناعة والمنتجات
الزراعية والحيوانية .. وسوقا رائجة للثقافة الإسلامية والعربية وغيرها من
الثقافات .

[ ولغة أهل قوصرة
غنية اليوم بالكلمات والمفردات العربية .. كما أن كثيرا من أسماء المدن والمناطق
في الجزيرة من أصل عربي .. كما أن عادات
سكان قوصرة كانت إلى عهد قريب عادات عربية .. حيث حرص الرجال على ارتداء الذى
العربي المنتشر في تونس .. كما كانت النساء من المسلمات –
وغير الملسمات - يرتدين الزى الإسلامي ويتحجين عند الخروج من
منازلهن .

[ ان المفردات من
أصل عربي في لغة أهل قوصرة .. من الكثرة بحيث تكفى لاعداد معجم خاص بها .. من ذلك
وجود الكلمات العربية " زبيب" و" جبل" و "المنيّة" ..
كما أن تراثهم الشعبى يضم العديد من السير الشعبية المعروفة في التاريخ العربي
والإسلامي .. أما أسماء الأماكن في قوصرة فهى عربية بنسبة 80%.. فهناك : المرسى
والكدية ( أى الربوة ) و " الحمّة" و " بويرة" و
"سدارى" وغيرها .

[ وحين قُضى على
الحكم الإسلامي في " قوصرة" في القرن العاشر الهجرى / السادس عشر
الميلادى .. عقدت الدولة الإسلامية معاهدات مع حكام أوروبا على أن يتولى حكم
المسلمين في قوصرة .. حاكم مسلم من جزيرة صقلية .. وأن يتقاسم حاكم صقلية وحاكم
تونس خراج الجزيرة مناصفة بينهما .. وقد وصف هذا الحكم بأنه حكم ثنائى .. كما اتبع
حكام أوروبا سياسة سلمية تجاه المسلمين وعملوا على ترغيبهم في البقاء بالجزيرة
والإعتماد عليهم في التجارة والصناعة والإدارة .

[ ولما كانت
الدولة التى تسيطر على جزيرة صقلية .. هى صاحبة القرار الأول بشأن قوصرة .. فقد
قامت الدول الأوروبية التى تعاقبت على حكم صقلية بتفريغ الوجود الإسلامي من قوصرة
.. إلى أن أطلق عليها اسم "بِنْطَلاَرِيّه"–
وتتبع إيطاليا – ورحل عنها عدد كبير من المسلمين ..
بينما ظلت الآثار الإسلامية شاهدا ووثيقة حيّة على الوجود الإسلامي وعطاءات
الإسلام الحضارية للقارة الأوروبية .

» الإسلام في بوليفيا
» الإسلام في جرينادا
» الإسلام في الدنمرك