تطعيم الأبناء بالأدب هو أساس التربية الصحيحة
[ بقلم : سهير محمد حسنين .
[ مدير عام البرامج الدينية .
[ إذاعة " صوت العرب " – مصر .
رعاية الأطفال واجب ديني .
لا تتركوا أولادكم للمربيّات والخادمات .
الإفراط في تدليل الأبناء خطأ أُسرى كبير.
بسم الله الرحمن الرحيم
[ بقلم : سهير محمد حسنين
[ مدير عام البرامج الدينية " إذاعة صوت العرب " – مصر
[ لا شك أن النظام الإسلامي يقوم على أسس متينة تتفق والفطرة والعقل وعلى أدلة جازمة لا تقبل النقض .. وأن القواعد التى يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف قواعد ثابتة وفروع مرنة ذات قدرة فائقة على مواجهة الحوادث والمشكلات المتجددة في حياة البشر .. لذا فإن الإسلام هو الدين الصالح لكل زمان ومكان .. كما أن الإسلام هو دين الإيجابية لأنه يدعو إلى الفضائل والخيرات ويحرّم كل ما من شأنه إيذاء الإنسان أو إلحاق الضرر به .. كما يُنظّم الإسلام جميع شؤون الحياة وجميع علاقات الإنسان مع الله تعالى ومع الآخرين .. من خلال أحكام واضحة ميسّرة سهلة لا تكلف فيها ولا تضيع معها الحقوق .. فالإسلام نظام متوازن يحقق الفرد فيه مصالحه من خلال مصلحة الجماعة والمجتمع .
[ ولا شك أن الإهتمام بتربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة دينية صحيحة من أهم رسالة الأسرة المسلمة .. ويجب على المسلمين عدم ترك أولادهم للمربيات والخادمات حتى لا تتسرب إلى النشء المسلم المفاهيم الخاطئة .
حقوق الإنسان
[ إن الإسلام يحرص أشد الحرص في مبادئه وأحكامه العادلة على الحفاظ على حقوق الناس ودمائهم وأعراضهم وأموالهم وعقولهم .. فقد جاء الإسلام رحمة من الله تعالى للعالمين ومن مقتضيات هذه الرحمة الإهتمام بنشر العدل وتحقيق المساواة بين الناس .. وتحقيق العدل والمساواة هدف هام ومقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية.. فلو استقصينا أحكام الإسلام لوجدناها تُعني بصيانة الحريات وتتخذ جميع الوسائل المشروعة التى تحفظ هذه الحقوق وتصون كرامة الناس من الجور والإعتداء .
[ كما يهدف الإسلام إلى توثيق علاقات الأفراد بعضهم ببعض .. وقد تضمنت الآيات القرآنية الكريمة الإشارة الواضحة والصريحة إلى الأمر بالعدل يقول تعالى : " إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " – سورة النساء آية 58 – وقال تعالى : " إن الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي " – سورة النحل آية 90 – كما يُعتبر العدل من أهم الركائز التى قامت عليها السنّة النبوية الشريفة قال تعالى : " وقل آمنتُ بما أنزل الله من كتاب وأُمرت لأعدل بينكم " – سورة الشورى آية 15 – وقد ورد في الحديث القدسي : " يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " – عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رُوى عن الله تعالى – وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة " – رواه مسلم .
تربية النشء
[ لقد فطر الله تعالى الوالدين على محبّة الأبناء والحرص على ما ينفعهم ويُسعدهم .. ولا شك أن للأم عاطفة خاصة نحو أبنائها وعليها مسئولية كبيرة في تنشئة الأبناء ورعايتهم .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " والأم راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها " – رواه البخاري ومسلم – كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم نساء قريش بما يميّزن به من رعاية الأبناء والحفاظ عليهم وبذل الحنان والعطف عليهم .. فإن تفاضل النساء والأمهات يُقاس بمدى الرعاية للأبناء .
[ إن واجب الأم أن تكرّس جهودها لأبنائها .. لأن تنشئتها لأبنائها هي الرسالة الأصيلة والهامة لها في حياتها .. فلا تدع الأبناء للمربيات والخادمات فمهما كانت الرعاية منهن فإنها لا يمكن أن تبلغ رعاية الأم التي ترى إبنها قطعة منها .
[ أن أول حق من حقوق تنشئة الطفل على أمه هو حق الرضاعة .. فقد أجرى الله تعالى اللبن في صدر الأم جامعا لكل أنواع الغذاء المناسب للطفل يقول تعالى : "والوالدات يُرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرضاعة " – سورة البقرة آية 233 – فعلى الأم أن تؤدي واجب الرضاعة ما دامت قادرة لأنه حق للطفل.. كما أن للأم دورا هاما وأصيلا في تربية الأبناء إلى جانب الأب والمدرسة والمسجد والمجتمع بصفة عامة .. لأنها تُلازم الطفل أكثر من الأب وأكثر من أية جهة أخرى .. ولقد وجّه الإسلام إلى العناية بالأهل وفي مقدمتهم الأبناء حتى لا يفرّط الآباء أو الأمهات في واجبات أبنائهم وأهليهم .
أدب الأبناء
[ لقد أمر الإسلام بإحسان أدب الأبناء فقال صلى الله عليه وسلم : " أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم " – رواه ابن ماجة – كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الأبناء الخير وتأديبهم فقال : " علموا أولادكم وأهليكم الخير وأدبوهم " .. ولأهمية دور الأم في تنشئة الأبناء عنى الإسلام باختيارها وركّز على صلاح المرأة فقال صلى الله عليه وسلم : " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة " – رواه مسلم والنسائي – كما أن أبا الأسود الدؤلي وهو من كبار التابعين يقول لأولاده : " أحسنت إليكم كبارا وصغارا وقبل أن تولدوا قالوا : " كيف أحسنت إلينا قبل أن نُولد ؟ قال : أخترت لكم من النساء من لا تسبّون بهن " .
[ ومن أهم جوانب رعاية الأم للطفل أن ترعاه خُلقيا كما ترعاه جسمانيا .. وأن تنشئة على الإيمان بالله تعالى وعلى الأخلاق الفاضلة قولا وعملا .. وأن تراقبه في كل أحواله وتوجهه إلى ما فيه صلاحه في الدنيا والآخرة .. كما أن جانب القُدوة في تنشئة الطفل له أثر كبير في تكوين شخصيته .. والقدوة في الأب والأم وهما أول ما يقع عليه نظر الطفل .. وأهم ما يجب مراعاته في هذا المجال أن ينشأ الطفل على الصدق .. فلو أمرته الأم أن يكون صادقا دون أن تكون صادقة معه ينشأ الطفل مستهينا بفضيلة الصدق متعودا على الكذب .
[ وفي هذا المجال يقول صلى الله عليه وسلم : " من قال لصبي هاك ثم لم يعطه فهي كذبة " – عن أبي هريرة .
[ إن رعاية الأطفال واجب ديني لا شك في ذلك .. ولا يفوتني أن أحذّر الأمهات المسلمات من تدليل أطفالهن تدليلا يتعارض مع إجادة التربية .. لأن إهمال تربية الأطفال ضياع لحقهم في حسن التنشئة لأن الإفراط في التدليل يُفسد التربية .. وقد وضع الإسلام المنهج القويم لتربية النشء المسلم .